آخر الرسائل

Post Top Ad

Your Ad Spot

الخميس، 31 مارس 2022

من بريد الجمعه .. الجبـــل القـوي

 

أكتب إليك رسالتي هذه بيد مرتعشة لكني أحس بالرغم من ذلك بالراحة لكتابتي لك, فأنا سيدة في الخامسة والخمسين من عمري.. أعمل أو كنت أعمل قبل تسوية معاشي المبكر ناظرة بالتربية والتعليم وزوجي وهو قريب لي كان مديرا لفرع أحد البنوك الكبري وقد أنجبنا ولدين وبنتا

وكانت البنت هي الصغري, وبعد إنجابي لها بعام جاءتني فرصة للإعارة بإحدي الدول العربية, وبالرغم من أن أحوالنا المادية كانت جيدة إلا أنني قبلت الإعارة وسافرت مع زوجي وتركنا الأبناء وهم أطفال صغار في رعاية أمي وأختي, وبعد سفرنا بعامين تزوجت أختي وغادرت البيت وساءت صحة أمي فلم تستطع رعاية أطفالي وحدها.. واضطررت للرجوع وحدي لرعايتهم وبقي زوجي في الدولة العربية عامين آخرين.

وبعد عودتي ببضعة أشهر رحلت أمي عن الحياة.. وواصلت حياتي وعملي ورعايتي لأسرتي.. وكنت دائما المرأة القوية المسيطرة علي كل شيء في الأسرة, فأنا صاحبة الرأي والمشورة.. وزوجي يترك لي كل شيء لأنه يرجع من عمله مرهقا ولا يريد أن يزعج نفسه بهموم الأبناء, وحتي حين كان الأبناء يلجأون إليه للحكم بيني وبينهم في أمر يحتجون عليه فقد كان ينحاز دائما إلي رأيي مهما يكن تطرفه.. ولاشك في أنني كنت بسبب قوة شخصيتي وطبيعتي قاسية بعض الشيء علي الأبناء, كما كنت أكثر حزما وشدة مع ابنتي الوحيدة حيث لم يكن يعجبني منها أنها رقيقة جدا وحساسة للغاية ولا تستطيع المواجهة مع صديقاتها أو أخويها. وكنت أريدها صورة مني كالجبل القوي لكن ذلك لم يتحقق للأسف.. وكانت هي جميلة ومهذبة وتخشاني وتنفذ ما أقوله لها حرفيا, وبعد اجتيازها لامتحان الثانوية العامة تقدم إليها ابن إحدي زميلاتي وتمت خطبتها إليه, وأحبت ابنتي خطيبها بشدة وتعلقت به لأنه كان أول رجل في حياتها ولم تعرف قبله أي نوع من العلاقات مع الجنس الآخر, لكني انقلبت عليه بعد فترة من الخطبة لأنه لم يخضع لإرادتي ورفض أن يسير علي هواي في كل شيء, وقد تعمدت أن اشترط عليه أشياء معينة في الشقة والأثاث والديكور, وافتعلت ذلك افتعالا لكي أفرض كلمتي عليه من البداية, كما هو الحال مع أبنائي, لكنه تذمر.. ورفض.. فأنهيت الخطبة دون النظر إلي رغبة ابنتي فيه وتعلقها به.. وحين حاولت هي أن تعترض علي ذلك ثرت في وجهها ثورة هائلة ألجمت لسانها وجعلتها تنظر إلي ذاهلة ولا تجرؤ علي الكلام.

وانتهت هذه الخطبة وبعد ثلاث سنوات أخري تقدم إليها شاب آخر ميسور الحال وجاهز فلم يرفض لي طلبا.. واستجاب لكل ماأردته ولم نهتم نحن بالسؤال جيدا عنه لأنني قد رأيته فرصة ممتازة لابنتي وألح أهله علي عقد القران فاستجبنا لرغبتهم.. وبعد ذلك اكتشفنا للأسف أنه مدمن للسموم البيضاء ولا أمل في إصلاحه.. واستطعنا بعد جهد كبير ومشاكل عديدة الحصول علي الطلاق منه ولكن بعد أن تحطم قلب ابنتي للمرة الثانية.

وبعد عامين آخرين كانت ابنتي قد تخرجت في كليتها وعملت فتقدم لها أحد أقاربنا.. وبالرغم من أنه كان أقل منا في المستوي الاجتماعي والمادي وأقل من ابنتي في المستوي التعليمي إلا أنني قد وافقت عليه وشعرت أنه يمكن السيطرة عليه وعلي أهله ولن يجرؤ أن يرفع عينه أمامنا.. ومن ناحية أخري فقد كانت ابنتي مخطوبة مرة ومطلقة مرة أخري فقدرت أن هذه الفرصة قد تكون الأخيرة لها, وهكذا وافقت عليه, وقبلت به ابنتي كالعادة باستسلام وتمت الخطبة, وبعد4 أشهر منها فوجئت بابنتي ترفض خطيبها وترفض مواصلة المشوار معه.. وتطلب فسخ الخطبة, ولم نهتم برفضها ولا اعتراضها وعجلنا بعقد القران لكيلا ترجع إلي هذا الحديث مرة أخري, لكنها لم تسكت هذه المرة ورفضت عريسها مرة ثانية وطلبت إنهاء الارتباط فجن جنوني.. هل يمكن أن تصبح ابنتي مطلقة مرتين قبل الزفاف؟ إن هذا لن يحدث أبدا وأنا علي قيد الحياة فزمجرت في وجهها وسألتها لماذا ترفضه؟! فقالت بعد تردد أنها حاولت أن تتقرب منه لكنها وجدت شخصيته ضعيفة جدا.. ومستواه الثقافي ضحلا وعاداته وتقاليده تختلف عن عاداتها.. وشعرت بأنه مكسور أمامها ولا يستطيع أن يعارضها في أي شيء لإحساسه بأنها أفضل منه وهي لا تريد ذلك, ولا تريد أن تكون صورة أخري مني, وانما تريد رجلا يحتويها ويشعرها بأنه الرجل وهي المرأة.. ولم أهتم كثيرا بما قالت وقلت إنه دلع بنات لا معني له, وأصررت علي استكمال المشوار, فإذا سألتني: وأين كان والدها وأخوتها من ذلك؟! قلت لك إن والدها كان كعادته يساندني في كل ماأفعل, أما أخواها فقد حاولا مناقشتي في الأمر فبهدلتهما وهددتهما بأني سوف أغضب عليهما, كما أني لن أساعدهما ماديا في حياتهما إن لم يقفا إلي جواري فأتخذا موقف الحياد.

وهكذا واصلت الضغط علي ابنتي التي أذهلني أن تقول لي لا لأول مرة في حياتها, وحاربتها بكل الوسائل من سيف غضب الوالدين إلي سيف تهديدها بمقاطعتها إلي آخر يوم من عمري.. وكلما حاولت إقناعي بوجهة نظرها لم أسمع لها وأواصل الحرب ضدها.. حتي لقد استشهدت بما ينشر في بابك من قصص وبآرائك فيها لكن هيهات أن اسمع لها فقد صممت أذني وقاطعتها مقاطعة تامة وقاطعها بالتبعية كل من في البيت واجتنبناها جميعا فأصبحنا لا نحدثها ولا نأكل معها.. ولا نحييها ولا نرد تحيتها. فضاقت بحياتها وحاولت أن تستأذنني في أن تقيم عند خالتها بضعة أيام لكي تستريح أعصابها فرفضنا ذلك وأنذرنا خالتها ألا تستقبلها وإلا..! واستمر الحال علي هذا النحو شهرا ثقيلا صارحت هي خلاله خطيبها بأنها لا تحبه ولا تريد أن تظلمه معها.. فلم يغير ذلك من تمسكه بها, وقال لها ان الحب سوف يأتي بعد الزواج.. فانهارت مقاومتها وقالت لي بعيون دامعة: أفعلوا ماتريدون.. ففرحت بذلك وبدأت استعد لزفافها.. وخلال فترة الاستعداد كنت لا أراها إلا دامعة العين.. فلما نهرتها عن البكاء ونحن في فترة فرح كفت عن ذلك وأصبحت تنظر إلي نظرات غريبة كأنها نظرات استجداء للرحمة.. لكني لم أتوقف أمامها ومضيت في الاستعداد للزفاف بهمة, وفي يوم الحفل بدت لي ابنتي كالمخدرة.. كما كان حالها منذ استسلمت لإرادتي.. وبعد الزفاف لم يتغير حالها.. فهي تفعل كل شيء ببطء وبلا روح ولا حماس.. وصمتها أكثر من كلامها.. وتغتصب الابتسامة اغتصابا لكي ترحب بنا حين نزورها.. وتأتي لزيارتنا واجمة ولاتكاد تتحدث مع أحد وترجع إلي بيتها صامتة كأنما تؤدي واجبا لا مفر من أدائه, ولاشيء من ابتهاج العروس وفرحتها بحياتها الجديدة يبدو عليها.. واستمر الحال علي هذا النحو عدة أسابيع ثم وقعت الكارثة الكبري.. وسقطت الزهرة الجميلة عن فرعها.. وحدث كل شيء في لمح البرق وخلال ثلاثة أيام لا تزيد.. فقد سقطت ابنتي الشابة الجميلة العروس مصابة بجلطة في المخ.. ومن بيتها نقلت الي العناية المركزة بأحد المستشفيات وقبل أن نستوعب ماحدث كانت روحها الطاهرة البريئة قد صعدت إلي ربها.. وخرجت من العناية المركزة إلي مثواها الأخير.

فهل تصدق ذلك ياسيدي ؟

لقد ماتت ابنتي.. قضت عليها أحزانها, انفجرت لأنني لم أتح لها أن تفضفض عما بداخلها وقهرتها.. وقتلتها.. ولا حول ولا قوة إلا بالله.

ولن أصف لك ماحدث لي ولوالدها وأخويها.. ولا مانشعر به من تأنيب الضمير.

لقد اعتزلنا الناس والحياة ولولا خشية الله لاقدمنا علي الانتحار, وخرج زوجي إلي المعاش.. وخرجت أنا إلي المعاش المبكر, وبالرغم من مرور نحو عامين علي هذه المصيبة فإنني أتذكر تفاصيل كل ماحدث كل يوم وكأنه شريط سينمائي.

وإنني أكتب لك هذه الرسالة من شقتنا بالمعمورة بالاسكندرية حيث نقضي معظم شهور السنة لنكون بعيدين عن الأصدقاء والجيران, ولأن ابنتي كانت تحب هذه الشقة لكي أروي لك قصتي أو مأساتي التي صدمتني وأنا الجبل القوي لتكون تكفيرا عن شيء من ذنبي ولكي أناشد كل الآباء والأمهات ألا تتحجر قلوبهم أمام رغبات الأبناء إذا كانت عادلة ومشروعة, ولكي يتيحوا لهم الفرصة لأن يقولوا آراءهم ويعبروا عن أنفسهم ورغباتهم بحرية, فالتقاليد ليست قرآنا ينبغي الالتزام بها دون مناقشة.. ولكي أقول لكل أب وكل أم أيضا: ماأفظع الندم.. فأنا وزوجي نموت كل يوم ولولا ابنانا وزوجتاهما لمتنا جوعا من فقد الشهية, ولقد أديت فريضة الحج أنا وزوجي في العام الماضي ومازلت أشعر بأن ذنوب الأرض كلها فوق كاهلي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

ولكاتبة هذه الرسالة أقول:

من المحزن حقا أننا لا نستخدم عادة أسلحتنا المعنوية في التهديد بغضب الأبوين لإخضاع الأبناء لإرادتنا إلا مع الطيبين منهم, الذين يخشون الله واليوم الآخر ويجفلون من إغضاب الأبوين ولو أرغماهم علي مالا يريدونه لأنفسهم, أما الأبناء المتمردون البعيدون عن تعاليم السماء فلا تفلح معهم نفس هذه الأسلحة المعنوية ولا يتأثرون بها ولا يحفلون باغضاب الأبوين ولا عقاب السماء فيمضون الي مايريدون بلا توقف أمام رضاء الآباء والأمهات أو غضبهم, فهل يكون جزاء الأبناء الطيبين المسالمين ذوي الوجدان الديني أن نقهرهم علي مايكرهون لأنفسهم وان نحرمهم من حقهم الطبيعي في الاختيار لحياتهم بعد ان بلغوا سن الرشد وامتلكوا زمام أمورهم! وهل يكون عدلا أن نفرض عليهم نحن تحت وطأة النبذ والمقاطعة والتهديد بالغضب الإلهي, ما لايرون فيه سعادتهم, ونحرمهم من حقهم العادل في المراجعة والمناقشة والتعبير الحر عن النفس فيما يتعلق بحياتهم الشخصية وأحلامهم لأنفسهم ؟

أوليست مفارقة تستحق منا التأمل والتوقف طويلا أمامها ألا يفلح ضغطنا القاسي علي الأبناء في تحقيق هدفه إلا مع الحريصين منهم علي روابطهم بآبائهم وأمهاتهم.. وقد كانوا يستحقون جزاء وفاقا لأخلاقياتهم وقيمهم الدينية أن نكون أكثر رفقا بهم وعطفا عليهم ؟

لقد تعجبت كثيرا ياسيدتي لفهمك الغريب لطبيعة العلاقة بين الأم والأبناء وكيف ينبغي لها أن تقوم من وجهة نظرك علي الخضوع التام من جانب الأبناء الراشدين لإرادة الأم في حياتهم الشخصية واختياراتهم المصيرية.

وتعجبت كذلك لمفهومك الآخر عن العلاقة بين الاصهار وتصورك أنها يجب أن تقوم علي الاستعلاء وإملاء الإرادة من جانب والضعف والانكسار والاحساس بالنقص من الجانب الآخر كما عبر عن ذلك اختيارك لزوج ابنتك علي أساس أنه أدني ماديا واجتماعيا من أسرتك وتعليميا من عروسه, وبالتالي فلن يجرؤ علي رفع عينه أمامكم وكأن المطلوب فيه أن يكون تابعا ذليلا لابنتك وأسرتها وليس زوجا وشريكا وحاميا لزوجته وصهرا مكافئا محترما لأسرتها.

والمشكلة في تصوري هي أنك قد اعتدت فرض إرادتك علي من هم حولك.. واستشعرت في نفسك دائما القوة التي تتيح لك فرض سيطرتك علي أفراد أسرتك وإملاء رغباتك عليهم.. فأردت ألا يخرج عضو الأسرة الجديد عن نطاق هذه السيطرة, واسترحت لقابليته للخضوع والانكسار أمام إرادتك.

لكن المؤسف حقا هو أنك لم تتوقفي لحظة واحدة لكي تسألي نفسك: وهل ستسعد ابنتك بمثل هذا الشريك أم ستشقي به؟ وهل هي ترغب حقا في أن تكرر مثالك القوي في علاقتك بزوجك وأبنائك أم تري سعادتها في نموذج آخر أكثر صحة للعلاقة مع الزوج والأبناء؟ فكانت النتيجة أن واصلت للأسف الاختيار لها واتخاذ القرارات نيابة عنها وبغض النظر عن رغباتها الحقيقية وأحلامها لنفسها, ومارست ذلك إبتداء من الخطبة الأولي التي هدمتها بالرغم من تعلق ابنتك بخطيبها لتمرده علي إرادتك الي الاختيار الأخير لها بالرغم من نفورها منه.

وواصلت الضغط القاسي عليها حتي قبلت بالارتباط بمن ترفضه في أعماقها وتشعر بقهرها عليه, فعجز كيانها الرقيق عن احتمال الضغوط والتعاسة الي ما لا نهاية وانفجرت من الداخل ورحلت عن الحياة قبل ان تسعد بأيامها فيها للأسف.

ولا أريد أن انكأ جراحك أو أزيد من آلامك وأحزانك أعانك الله عليها.. لكني أناقش فقط وقائع قصتك التي أردت أنت ان يستفيد بدروسها الآخرون.. تطهيرا لك من الذنب ومن الإحساس بالندم القاتل وعلي هذا الأساس فقط أقول أنه لا ينبغي لنا أن نسعد بقهر إرادة ابنائنا وارغامهم علي مانريده نحن لهم, ونشعر بالانتصار الزائف عليهم حين ننجح في ذلك وهم في سن الاعتماد علي النفس والقدرة علي الاختيار.

ولا ينبغي لنا علي الناحية الأخري أن نعتبر امتثالهم لإرادتنا علي كره منهم خوفا من حربنا الشعواء ضدهم أو تهديدنا لهم بغضب السماء عليهم, برا بنا ورعاية لحقوقنا عليهم.. فالحق هو أننا لا نبرهم بمثل هذا القهر.. ولا ننمي شخصياتهم ولا نعينهم علي مواجهة الحياة والصمود لاختباراتها, فأحد الفلاسفة الانجليز يقول لنا: حين تحرم الطفل من أن يخطيء فإنك تحرمه بذلك من اتساع مداركه. وهذا صحيح لأنه لن يعرف الفارق بين الخطأ والصواب إلا بالتجربة.

فإذا كان هذا هو الحال مع الأطفال.. فكيف يكون إذن مع الأبناء الراشدين الذين ينبغي أن نتيح لهم حق التجربة والاختيار لأنفسهم مستعينين في ذلك بحكمة الكبار وتجاربهم ؟ أما أن نحرمهم من حق مناقشتنا فيما نريده لهم وحق التعبير عن رغباتهم الحقيقية فليس ذلك من الحب الرشيد للأبناء أو الحرص عليهم, وإنما هو في واقع الأمر, استمرار للرغبة الخفية في أعماقنا لامتلاكهم للأبد ومصادرة إرادتهم لحساب إرادتنا نحن ورؤيتنا الشخصية للأمور.

والعقلاء من الآباء والأمهات هم الذين يعرفون متي يتوقفون في الوقت الملائم عن التطلع لفرض إرادتهم علي أبنائهم الكبار ولا يتعللون في ذلك بالحرص علي الأبناء وطلب مافيه خيرهم وصلاح أمرهم.

فالناس لا يساقون إلي الجنة بالعصا كما يقول لنا أحد الحكماء وإنما بالاقناع والحوار والترغيب.

فلعلك قد أدركت الآن ياسيدتي كل ذلك ولعل ضميرك يستريح قليلا بعد نشر رسالتك التي أردت بها أن تتخففي مما تشعرين به من إحساس مؤلم بالذنب تجاه ابنتك الراحلة. فالاعتراف بالذنب نوع من التكفير عنه.. ودعاء الي الخالق سبحانه وتعالي أن يغفره لنا ويتجاوز عنه. والندم القاتل الذي يكتوي به قلبك المكلوم الآن قربان مقبول بإذن الله لدي أرحم الراحمين عما جنيناه علي الآخرين.. فأما الحياة والموت فلا حيلة لأحد فيهما.. ولم يكن ليتأخر عن ابنتك الراحلة أجلها المقدور عليها من قبل المجيء إلي الحياة, فإذا كان ثمة ماينفطر له القلب حقا.. فهو أن الظروف لم تسمح لنا بأن نجعل رحلة الأعزاء القصيرة في الحياة رحلة سعيدة وخالية من الآلام قبل أن تؤذن شمسهم بالمغيب.

ولقد كان في مقدورنا أن نفعل ذلك حقا لو كنا قد أوتينا الحكمة وبعد النظر والفهم الصحيح لحقائق الحياة في الوقت الملائم.. لكن ماذا نفعل ياسيدتي والحياة تأبي دائما ألا تعلمنا دروسها القاسية إلا بالثمن الغالي.. والأمنيات الحسيرة؟!


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Post Top Ad

Your Ad Spot